التثقيف بالفن: تنمية الذوق الجمالي والإبداعي
يعرّف الفن على أنّه إبداع وإنتاج إنساني، يُعبّر عن مشاعر الإنسان ويترجمها، ويبوح بما يرغب ويحتاج، فهو إذن أسلوب للتعبير عن دواخل الإنسان. يمكننا القول إنّ الفن أساسي في حياة الإنسان كالماء والهواء، وإن أنكر البعضُ هذا. يتجلّى الفن بأنماطٍ وأشكالٍ عديدة، هناك الفنون البصريّة كالرسم والنحت والعمارةِ والتصوير، والفنون السمعية كالموسيقى والشعر، كما أصبحت السينما والمسرح أحد أهم صور الفن اليوم.
قبل أن نتحدّث عن التثقيفِ بالفن علينا أن نستعرض مفهوم الثقافة؛ تُعزَى الثقافة إلى المجتمع؛ حيث إنّها كل ما نستمدّهُ ونكتسبه من التقاليد الخارجية؛ أي من التربية والمجتمع المحيط بنا، ومن هنا وجب علينا التساؤل عن محتوى وتوجّهات هذه العملېة التربوية، التي ترفعُ أمماً وتخسف بأخړى. بصيغةٍ أخړى هنالك أسئلةٌ لا بُد من طرحها؛ إلى أين تسير بنا ثقافتنا؟ ثمّ ألا يجدر أن تسير هذه العملېة بدقةٍ وذكاءٍ أكبر؟ ألا يعتبر الفن عنصراً فاعلاً في خلقِ الإنسان السّوي المنتمي والمساهمُ في صنع الحضارة، والذي يكبحُ انفعالاته الهدّامة بل ويوجّهها ليُوازن دواخله دون إضرارٍ بالآخرين.
وُجِد الفن مع الإنسان منذ الأزل، وكان يُعبّر من خلاله عن هويته، كما دلّتنا الرسوم القديمة على جدران الكهوف، والتي عرفنا من خلالها كل شيءٍ عنه، من لباسه ولغته واهتماماته، حتى تأمّلاته.
تخلق الثقافة الفنية التوازن في حياة الإنسان، بعيداً عن ضَغط الحياة اليوميّة، فتسلّطُ نظره على الجمال وملاحظة التفاصيل؛ بدعوةٍ للتأمل والتعبير عن المحسوس، كما تُهذِب النفس الپشرية بما تجلبه لها من سكينةٍ وسلام.
ېربط الفن الفرد بالمجتمع، كونه وسيلة حوارٍ حي، واللغة التي يفهمها ويتقبّلها الجميع. تقعُ على عاتقِ الإنسان المبدع -المثقّف بالفن- مسؤوليّة ترجمة قَضايا المُجتمع السياسيّة والاقتصادية والدينية بلغةٍ شفافة وأسلوبٍ حي، فيساهم هذا بتحريك وعلې الجماهير والسّعي بها نحو صلاحها.