الأربعاء 27 نوفمبر 2024

أهمية الشورى

موقع أيام نيوز

أهميّة الشورى

للشّورى أهميّة عظيمة وكبيرة في حياة جميع الأمم والشّعوب، وإنّ أيّ أمّة أو دولة تنشد الخير والصّلاح والفلاح والنّجاح في الدّنيا والآخرة، وتبحث عن العدالة والمُساواة والعزّة والأَنَفة والكرامة، وتُحبّ أن تنعم بالأمن والأمان والاستقرار والطّمأنينة والرّخاء، وتبتغي منع الظّلم والوقاية منه ومنع التسلّط ۏالقهر والاستبداد، فلا بد أن تكون الشّورى سمةً رئيسيّةً لدى هذه الأمة ومنهاج حياة لها؛ لأنّه بترسُّخ مبدأ الشّورى تكتشف الحقائق وينجلي الزّيف والعمى، ويظهر الصّواب ويصحّ الرّأي، وتتعاضد الجهود، وتتوزّع المسؤوليّات، ويقوى عضد الأمّة وشوكتها، وليس ذلك إلا لأنّه بالشّورى تنبعث عوامل القوّة والألفة والمَنعة والمودّة والتراصّ والمحبّة بين أبناء المُجتمع والأمة، والتّعاون المُثمر الجادّ والتّناصح البنّاء بكل إخلاص وحرص، وتتشابك الأيدي وتتضافر الجهود لحلّ المشاکل والمُعضلات، وبالشورى يصل المُجتمع إلى ما يرنو إليه من نصر ورقيّ وعِزّة وارتقاء ونجاح عظيم عميم في شؤون الدّولة والأمّة والمُجتمع بأسره، بكل ما يتعلّق بأمور الدّنيا والآخرة.


بالشورى تُبنى المُجتمعات الرّاقية والأمم الفاضلة القويّة، وبالشّورى يتحقّق النّصر وتتعانق القلوب، ويلتقي أهل الشّورى وأهل الحقّ ليرتقوا بالأوطان فيُعمّروا بلادهم ويرضوا ربّهم المولى تبارك وتعالى. تُعتَبر الشورى من أهمّ خصائص نظام الحكم الإسلاميّ؛ فالشورى تشريع ربانيّ، وهي من صفات المُؤمنين المُلتزمين بطاعة الله، المُوحّدين الذين جاهدوا أنفسهم قبل أن يجاهدوا أعداءهم، فلا نصر على عدوّ خارجيّ قبل ترتيب الصفّ الداخليّ، وهي سُنّة ربانيّة لمن أراد أن يعمر هذه الأرض ليُحقّق الاستخلاف الذي أراده الله تعالى، فلا يتمسّك بالشّورى إلا الذين استجابوا لله الملك القدّوس، قال تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَأهم يُنْفِقُونَ).

وللأهميّة العظيمة لنظام ومبدأ الشّورى في الإسلام فقد ورد ذكرها في الآية الكريمة بين كلّ من الصّلاة والزّكاة، فقد وصف الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بأنّهم استجابوا لربّهم عزّ وجل، وأقاموا الصّلاة، وأدّوا ما فُرِضَ عليهم من الزّكاة، وكان منهجهم قائماً على الشورى. وسياق النصّ في الآية الكريمة في قوله تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)، وقد جاءت تتوسّط الصّلاة والزّكاة ليدل ذلك على وجوب المداومة على الشّورى، فكما أنّ المُداومة على الصّلاة والزّكاة فرض وواجب، فالمُداومة على الشّورى فرض وواجب كذلك.
ويتّضح كذلك من خلال هذه الآية الكريمة أنّ الإسلام ليس محصوراً على العبادات الحركيّة، كالصّلاة والزّكاة مع الفضل العظيم لهذه العبادات وأهميّتها، فالتمسّك بالزّكاة والصّلاة والصّيام يدفع للتمسّك بالإسلام، والتمسّك بالشّورى عقيدةً وشريعةً ومنهاج حياة، فالإسلام دين شامل عظيم، وهو منهج حياة بكل ما للكلمة من معنى، وليس في الإسلام سلطةً قاهرةً تحدّ من الحريّات وتكبتها أو تمنع النّاس من حقّهم في أن يُبدوا رأيهم فيما يتعلّق بشؤون دولتهم وأمّتهم ومُتابعة شؤونها، والمُشاركة في كلّ ما من شأنه أن يعمل على رُقيّها وتقدّمها.