الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

الشورى والديمقراطية: أوجه التشابه والاختلاف

موقع أيام نيوز

الشورى
الشّورى في نظام الحكم الإسلاميّ هي إحدى الأسس الثّابتة في الحكم الإسلاميّ، وهي تقوم على أخذ آراء أهل الخبرة والمعرفة في شتّى المجالات التي من شأنها أن تعمل على الارتقاء بالدّولة والمُجتمع على حدّ سواء؛ لتحسين معيشة الرّعية ومُستواهم فكريّاً وماديّاً وصحيّاً، كما تقوم على أخذ الأفكار المُتعدّدة والتوصّل لأفضل الحلول والطّرق التي تُعين على الرّفع من شأن الأمّة والدّولة معاً.


فالشّورى هي أساس ثابت راسخ من أسس نظريّة الحكم في الإسلام، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى سورةً كاملةً في القرآن باسم الشّورى، وورد في القرآن الكريم أكثر من آية حول موضوع الشّورى، ومنها ما جاء في قوله تعالى: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ).
تعريف الديمقراطية
الديمقراطيّة كلمة يونانيّة تتكوّن في الأصل من كلمتين؛ الأولى (ديموس) ومعناها عامّة النّاس، والكلمة الثّانية (كراتيا) ومعناها حكم، ويكون معنى الديمقراطيّة حكم النّاس للنّاس، أو حكم الشّعب للشّعب، وهي فكرة نشأت في الغرب للمُطالبة بالعدل والحريّة في ظلّ الظّلم والاستبداد والجهل الذي ساد الغرب في العصور الوسطى.
الفرق بين الشورى والديمقراطية

إن النّاظر والمُتفكّر في كل من النّظامَين يجد بين الشورى والديمقراطيّة فرقاً كبيراً، ويظهر هذا الفرق من خلال المجالات الآتية:

  • المصدر: من الفروق الرئيسيّة بين الشورى والديمقراطيّة الفرق في مصدر كلّ منهما؛ فالشورى تشريع إسلاميّ ربانيّ؛ حيث أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد -عليه الصّلاة والسّلام- بالشّورى في القرآن الكريم، بينما الديمقراطيّة مبدأ بشريّ المصدر؛ حيث نشأت الديمقراطيّة كنظام لمُجابهة الظّلم والاستبداد الذي ساد أوروبا في العصور الوسطى، فظهرت الديمقراطيّة والمُطالبات بالعدل والحريّة.
  •  الخبرة والتخصصيّة: وهذا فرق جوهريّ بين الشّورى والديمقراطيّة؛ فمبدأ الشورى يقوم على أخذ رأي العُقلاء من أهل الاختصاص والخبرة والفهم في المجالات المُتعدّدة، فيُطرَح الموضوع على أهل الخبرة الذين يملكون درايةً كافيةً في الموضوع المطلوب ليُقدّموا رأيهم فيه، ويتناولون الآراء المُتعدّدة ويأخذون بأنفعها للأمة، أمّا الديمقراطية فلا اعتبار فيها للخبرة والمعرفة، بل الاعتبار للعدد ورأي الأغلبية بڠض النظر عن كفاءة اختيارهم وصحته من عدمه، المهم أن يكون رأي الأغلبية.
  • المرجعية والارتباط: فالشورى مبدأ شرعيّ إسلاميّ لا تحيد عنه ولا تتجاوز أحكامه بدعوى قلّة أو كثرة، فلا يخرج أهل الشورى عن الإطار الشرعيّ المُستَمدّ من القرآن والسُنّة ومقاصد الشّريعة، أمّا الديمقراطيّة فالمرجعيّة والارتباط بالأكثريّة؛ فالاعتبار كلّه لكثرة العدد والأغلبيّة، فلا ارتباط بعقيدة ولا شريعة، ولا ضابط إلا رأي الأغلبيّة الذي قد يُناقِض ويتناقض بين الحين والآخر، فرُبّما كان رأي الأغلبيّة اليوم كذا، وفيما بعد يكون رأي الأغلبيّة على النّقيض تماماً لغياب المرجعيّة الدينيّة والأخلاقيّة، والارتباط الوحيد هو رأي الأغلبيّة الذي قد يتحكّم فيه فساد ماليّ وسياسيّ، أو حتى الأمزجة المُتعدّدة لرأي العامة الغوغائيّة غير المُنضبطة بخبرة أو معرفة.