قائل أنا الدّولة والدّولة أنا
انت في الصفحة 2 من صفحتين
باريس، وعندما توفّي الكاردينال مازارين في عام 1661م، قرّر الملك لويس الرابع عشر البالغ من العمر 23 عاماً أن يستلم الحُكم، دون الاستعانة برئيس وزراء، وعدّ نفسه ملِكاً مُطلَقاً يستمدّ قوّته من الله، كما اتّخذ من الشمس شعاراً له، وعندما بنى قصره في فرساي في الفترة 1661-1689م جعله مقرّاً لحُكمه، وكان قد نقل حكومته رسميّاً إليه في عام 1682م.
على الصعيد العاطفيّ، أحبّ لويس ابنة أخت مازارين وهي ماري مانشيني، وقد كافح هذا الحبّ لمدّة عامين؛ حيث اتّخذ موقفاً متوسّطاً بين مشاعره وواجبه نحو وطنه، إلّا أنّه تزوّج في النهاية ابنة ملك إسبانيا فيليب الرابع وهي ماري تيريز، وكان زواجه منها في عام 1660م حينما بلغ من العمر 22 عاماً، وكان ذلك بسبب المتطلبات السياسيّة، ومن أجل تدعيم السلام بين فرنسا وإسبانيا؛ حيث نشبت حړب بين البلدين منذ عام 1635م، ممّا أدّى إلى انتقال مقرّ السيطرة الأوروبيّة من هابسبورغ إلى البوربون، كما أصبح الملك الفرنسي جندياً، ولهذا كان على الملك لويس أن يخدم في ساحة المعركة، إلّا أنّ مازارين استطاع في النهاية أن يُعيد النظام الداخليّ إلى فرنسا، ويتفاوض مع إسبانيا على السلام، وقد كان زواج لويس من ماري تيريز ضرورةً سياسيّةً ودبلوماسيّةً ليس أكثر، ونتج عن زواجهما ستّة أطفال، لم يبقَ على قيد الحياة ويصل إلى سنّ الرشد منهم سوى طفل واحد فقط، وهو لويس الذي عاش في الفترة بين عامَي 1661-1711م.
حُكم لويس الرابع عشر
لقد كان رعايا لويس الرابع عشر يُطرون عليه باستمرار، وقد اختلفت الأحكام المُلقاة عليه وعلى طريقة حُكمه؛ لاختلاف الآراء السياسيّة من شخص إلى آخر؛ حيث تمّ وصفه بالنّمر المُتعطّش للدماء، إلّا أنّه كان مثالاً عظيماً للنظام الملكي الذي جلب إلى فرنسا قوتها وذروة تطوّرها، وقد اتّهمه البعض بأنّه قضى على النظام الملكيّ وشوّهه من خلال سياساته وعزله للحكومة عن الشعب، وتركيزه لجميع أجهزة الدولة في يديه، الأمر الذي يجعل من الملكيّة عبئاً كبيراً على كاهل الإنسان ومتجاوزاً لقوته، فاعتبروا أنّ هذا خطأ لا يمكن أن يُغفَر له.