اجمل كلام عن النصر
النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها ولم يتم بعد تمامها ولم تحشد بعد طاقاتها ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات. فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكا لعدم قدرتها على حمايته طويلا! قد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة وآخر ما تملكه من رصيد فلا تستبقي عزيزا ولا غاليا لا تبذله هينا رخيصا في سبيل الله. قد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر. إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله. قد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله وهي تعاني وتتألم وتبذلولا تجد لها سنداإلا الله ولا متوجها إلا إليه وحده في الضراء. وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتهاعلى النهج بعد النصر عندما يأذن به الله. فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها به الله. قد يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تقاتل لمغنم تحققه أو تقاتل حمية لذاتها أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها. والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله بريئا من المشاعر الأخرى التي تلابسه. وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل ليرىفأيها في سبيل الله فقال من قاټل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله . قد يبطئ النصر لأن في الشړ الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير يريد الله أن يجرد الشړ منها ليتمحض خالصا ويذهب وحده هالكا لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار! قد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماما. فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصارا من المخدوعين فيه لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة. فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عاريا للناس ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية! قد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة. فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار. فيظل الصراع قائما حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر ولاستبقائه! من أجل هذا كله ومن أجل غيره مما يعلمه الله قد يبطئ النصر فتتضاعف التضحيات وتتضاعف الآلام. مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية.
حتى لو امتلك العرب كل أسلحة العالم وسيطروا على كل ثرواتهوضمنوا كل أصواته وقراراتهفلن يعرفوا طعم النصر . وسيظل الوطن العربي يشعر بنخزة في خاصرته وغصة في حلقهوبالشلل في أطرافه ما لم يرتفع صوت الوحدة من المحيط إلى الخليج فوق أي صوت آخرووحدة الجذور قبل وحدة الأغصان . وبدونه سيظل العرب سخرية العالم كمن يلعب كرة القدم بيديه وكرة السلة بقدميه .
فنحن خلال تاريخنا الطويل لم نكسب معاركنا الكبرى بكثرة العدد ورجحان السلاح بل كسبناها بالاستناد إلى الله وبذل كل ما لدينا من طاقة.. وجميع المعارك التى كسبها اليهود فى عدوانهم علينا فى السنين الأخيرة لم تكن لبسالة المقاتل اليهودى أو لعظمة أسلحته بل كانت ونقولها محزونين مكسورين لتفاهة القيادات وسذاجة الخطط وعربدة الشهوات فى صفوف العرب..!! ولو كان العرب بهذه الخصال يقاتلون جيشا من القردة لانهزموا فأنى لهم النصر وبعضهم يأكل بعضا ويتربص به الدوائر والكل بعيد عن الإسلام منسلخ من تعاليمه
و لكسب النصر النهائي يجب على الحزب أن يوجد قيادة عليا حكيمة بعيدة النظرو رجالا تسيرهم العاطفة و يخضعون لهذه القيادة خضوعا أعمى . فالسرية التي تضم مئتي رجل كلهم أذكياء وأكفاء هي أصعب قيادة من سرية تضم مئة و تسعين رجلا عاديا و عشرة رجال أذكياء يمسكون زمام القيادة
وسوف تستمر مسيرة النصر حتى يرفرف العلم الفلسطيني في القدس وفي كل فلسطين .
ياسر عرفات
محمد