لاحظ الأب تغير مزاجية ابنته بالكامل خلال خطبتها، ساعة يراها سعيدة وساعة تكون حزينة حد البكاء
انت في الصفحة 2 من صفحتين
-لم أُعزز ابنتي لطوال عُمرها ليأتي في النهاية رجل يُؤذي قلبها ويُذرف عينها بالدمع كل ليلة،
ويكسر خاطرها ويُحرجها ويقسو عليها أمامي، هذا ونحن بالخطبة فماذا بعد الزواج ؟.
ابتلع خطيبها ريقه بصعوبة ولم تُسعفه الكلمات للرد أبدًا.
ثم نظر لابنته التي توقعت مايقصده قائلًا:
-اخلعي الدبلة فورًا.
رأى في عينيها نظرة استعطاف ألا يفعل ذلك فقال بكل حزم:
-أعلم أنها المرة الأولى التي أُرغمك فيها على شيء لكن من لا يعرف قيمتك ويهددك بالرحيل لا يستحقك أبدًا.
أنهى كل شيء في هذه الجلسة وهو يعي تمامًا أن ابنته ستحزن لبعض الوقت لكن تبكي لبعض وقت خيرًا من أن تحزن
عمرًا كاملًا مع رجل لا يُقدرها بل وربما يتركها وقتما يحلو له !.
"لا عز كعِز الأب ولا دلال بعد دلاله "
أبي، صحيح أنني أراك في بعض الأحيان قاسيًا بعض الشيء، لكنني أعلم أن وراء هذه القسوة حنان الدنيا،
فدائمًا الناس يسعون لأن يبرزوا الجزء الحنون والجميل فيهم، ولكن أنت تخليت عن هذا الشيء لأجلي، ومع ذلك فأنت في نظري عظيم جدًا.
إنني أعلم يا أبي العزيز أنني مقصِّر في حقك، وأنك دائمًا تتعب من أجل راحتنا، وتسعى لإسعادنا ولو كان ذلك فوق
طاقتك، وعلى حساب صحتك ووقتك، ولكن اعلم يا أبي أن لك حُبّ عظيم في قلبي.
أبي العزيز، لم يأخذ ولن يأخذ أحد مكانتك في قلب ابنك، فلا أحد يستحق ذلك، فلم يُساعدك أحد في تربيتي، ولم يُعطني مصروفًا غيرك، ولم يكن لي ملجأ أكثر دفئًا من حضنك، فمن هم ليأخذوا مكانتك؟
إنك يا أبي الوحيد الذي لم يغيّره الزمان، فكل من عرفتهم أخذتهم الحياة مني، أحدهم نسي صحبتي،
والثاني جفاني بعد وُدّي، والثالث شغلته الدنيا عنّي، ولكنك يا أبي، أنت أول من يشعر بي،
دون أن أتكلم، تشعر بصمتي، وتشعر بألمي، وتكون معي، حتى لو أنهكتك الحياة، حتى لو كان عندك من الأوجاع ما لا
يحتمله القلب، لكنك كنت معي دائمًا، شكرًا لك يا أبي بحجم السماء والأرض وما بينهما.